7 آثار جانبية ل (ده انا عاجناك وخبزاك!!)
مرة وانا في المدرسة في ثانوي، كنت مرشحة نفسي للانتخابات بتاعت الفصل، وانا كنت السنة اللي قبلها الأمينة بتاعت فصلي برضو (كنت باعمل حاجات غريبة في المرحلة دي!) المهم.. اللي فاز ساعتها اتنين غيري، ومن غير أي مقدمات جت واحدة من اللي فازوا وقالتلي أنا عارفة إنك اديتي صوتك لينا.. ومتأكدة كمان إنك عملتي كدة عشان تباني قدامنا إنك بتدعمينا ومعانا.. بس انت كنت متخيلة إنك كدة كدة هتفوزي زي السنة اللي فاتت.. ومن جواكي عايزة تفوزي.. فقلتي مش هيفرق الصوت ده..المهم تمثلي قدامنا إن الموضوع مش فارق معاكي.. وانك يعني زاهدة في المنصب ده !!
تخيلوا.. يعني هي خمنت أنا عملت إيه.. وترجمت التصرف ده ترجمة سيئة جدا.. وكمان جت هاجمتني على أساس الظن ده!!..لأ وإيه قدام الفصل كله!! كانت فضيحة يعني! .. طبعا الموضوع والقصة أصلا الواحد بيفتكرها ويضحك.. والبنت اللي عملت كدة .. عادي كملنا اصحاب بعدها..
بس انا اتوجعت وجع! آه والله.. عيطت كتير أوي .. كنت باكلم نفسي والله من كتر الضيق والزعل..وحكيت لناس كبار كتير وقتها.. إن حد يفهمني.. ما لقيتش!!
إحساس بالظلم رهيب!! لما حد يحاول يقراك ويترجم تصرفاتك ويعاملك على أساس فهمه وظنه ده.. من غير ما يسألك إنت قصدك إيه وللا عملت كدة ليه.. وللا حاسس بإيه.. لأ.. هو (أو هي).. ماشاء الله عليهم.. عارفين خبايا النفوس وما تخفي الصدور!!
آسفة على اللهجة التهكمية.. بس أنا فعلا لما بافتكر المواقف اللي من النوع ده باحس باستفزاز رهيب!!
جرب كدة تفتكر معايا موقف حد برضو قراك فيها بطريقة سلبية وعاملك على أساس ظنه السئ ده.. أو اتكلم عليك بكلام من النوعية دي!! لأ وفي بعض الأحيان ما بتاخدش فرصتك كمان إنك توضح إحساسك أو وجهة نظرك.. أو أفكارك.. عملت كدة ليه وكان قصدك إيه!!
احساس يقهر.. صح؟!!
تعالوا بقى نعكس الموقف.. لو انت من الناس اللي بتغضب.. بتشيل من الناس.. بتزعل كتير منهم أو بتتقمص.. يبقى غالبا انت عندك نوع رخم جدا من تشوهات الإدراك* اسمه mind reading قراءة الأفكار!!..
إيه ده هي دي مش حاجة حلوة؟!..
أقوللك آه لما بتستخدمها صح..
لما يبقى أغلب ظنك باللي حواليك ظن خير..
طب واعرف منين؟
انك تلاقي نفسك هادي ومتسامح وما بتشيلش من حد وبتلتمس الأعذار..وما بتتكبرش أبدا إنك تتحقق من اللي قدامك عن ظنك فيه!
بس الناس اللي بتقرا وتفهم اللي حواليها من غير ما يتكلموا دول عندهم ذكاء عاطفي..
أقوللك.. آه طبعا.. زي ما تحس إن اللي قدامك متضايق من حاجة فتتجنبها.. لما تاخد بالك من الحاجات اللي بتفرحه فتعملهاله.. قراية تؤدي إلى سكينة وتناغم كدة في العلاقات.. مش العكس!
طيب افرضي إن ظنوني دي صح!!
استحالة يكون كلها صح.. ممكن يكون بعضها.. مافيش بني آدم يقدر يقرا أخوه البني آدم 100% صح طول الوقت.. دي قدرة مش عند البشر.. عند رب البشر بس.. تحب أقوللك إيه اللي ممكن يحصل لو استمريت في تبني الفكرة دي؟
أنهي فكرة؟
(أنا بافهم الناس كويس أوي)
إيه بقى؟!
1-هتفضل طول الوقت غضبان..مولع من اللي حواليك..مقموص. متغاظ..مش عارف تطلع الناس من دماغك.. منتبه دايما لتصرفاتهم وبتقضي وقت طويل في محاولة ترجمتها..لأنك بتهيألك دايما إنهم بيستغفلوك.. بيهينوك.. بضايقوك..أو قاصدين مثلا يطنشوك.. يستهينوا بيك.. أيا كان.. دايما الناس نيتها وحشة.. دايما عايزين أذى!..
2-المفاجأه بقى إنك ممكن تعلم اللي قدامك يعمل الحاجات السيئة دي فعلا.. ما انت اللي فتحت عنيه عليها..
مثال:
لما المدرّسة تقول للولد اللي عايز يروح الحمام .. انت مش عايز الحمام انت رايح تزوغ.. وهو يا حبيبي أول يوم ليه في المدرسة وقبل كدة كان في حضن مامته.. اما بيعوز يخش الحمام ما بيستأذنش أساسا.. هو كدة اتعلم إيه؟ .. إن ممكن أقول حاجة واعمل حاجة تانية.. الكذب.. الخداع..
بالمناسبة إن كل أساليب الخداع اتعلمتها بالأسلوب ده!!
3- البعد والنفور والهروب.. يعني لما الست كدة تقعد تقول لجوزها: " انت قاصد تضايقني، قاصد تهينني ، عايز تهرب من المسؤولية.. قاصد تنطشني.. تستفزني... بتفضّل مامتك عليا.. بتخرج عشان تهرب.."
بتعمل كذا عشان كذا.. كذا الأولانية فعل سئ ..وكذا التانية نية سيئة.. الراجل هيعمل إيه.. هينفر منها لأنها دايما قارياه بطريقة سلبية.. وعمرها ما بتترجم أي تصرف كويس من ناحيته على إنه خير.. دايما شايفاه وحش ونيته وحشه.. فهيسيبها بقى على ظنها ده.. تهري وتنكت في نفسها.. ويكمل بقى في حياته وتصرفاته ويفكه منها خالص.. ليه أبذل مجهود مع حد مهما حاولت أرضيه هو كدة كدة شايفني وحش.. طبعا ده مع العيال والكبار والصحاب والأزواج.. كله كله..
4- غير بقى إحساس الظلم اللي انت بتسببه للي حواليك واحساسهم دايما إنهم عايزين يدافعوا عن نفسهم أو يبرروا قدامك.. أو إني عايز أنتقم منك بأي طريقة عشان أضايقك زي ما ضايقتني.. مش انا وحش مهما عملت..يللا خد دي كمان.. شفت انا وحش ازاي!
5- ان بيخليك تغفل خالص عن دورك في أي مشكلة..
6-وانك تراجع نواياك انت شخصيا
7- وانك ما تاخدش بالك من الخير اللي موجود في الناس من حواليك وما تتمتعش بصحبتهم ولا صفاتهم ومميزاتهم الحلوة.. لأنك دايما بتفسرها تفسير سئ.
(خدوا بالكم من الأسلوب ده مع الأطفال!! والله حتى عيالنا احنا مش عارفين بالظبط هما بيفكروا في إيه.. أمهات كتير بتتعامل وبتتكلم مع عيالها على إنها عارفه خبايا نفسه.. وده مش حقيقي.. كام مرة أم وأب ذُهلوا من تصرفات أو كلام اتقال من عيالهم عمرهم ما اتخيلوا إن ده يطلع منهم!! .. كلام بيتقال شبه ده.. "أنا عارفة انت بتفكر في إيه ده انا ماما واكتر واحدة خبزاك وعجناك" واتهامات بقى.. انت بتكدب.. انت بتستعبط.. وهكذا.. بالإضافة للسبع حاجات اللي فوق دول .. الولد مش هيبقى عنده ثقة في نفسه.. هيبقى عنده شك هو نفسه في نواياه.. وممكن يخش صراعات كتير مع نفسه ووسوسة بسبب الموضوع ده!!.. حتى لو ظنك طلع فعلا صح.. مش لازم يبقى صح كل مرة.. عامل ابنك باللي بيقوله واللي بيعمله.. عادي زي أي بني آدم كبير من حقه هذا الاحترام في المعاملة.. ولو شكيت في نواياه عادي اسأله واتناقش معاه بهدوء .. ومش بهدف برضو انك تقول له في الآخر.. شفت انا طلعت فاهمك ازاي..لأ بهدف انك تقومه وتحسسه انك فعلا بتفهمه ومهتم بيه كبني آدم!! مش لازم تحرجه مش لازم تجرحه!!)
فيه قصة من السيرة بيحكيها الحديث ده.. بيتكلم عن نفس المعنى "قراية الأفكار والنوايا"
عن أسامة بن زيد قال: بعثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة، فأدركت رجلاً، فقال: لا إله إلا الله، فطعنته، فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :" أقال لا إله إلا الله وقتلته ؟! " قال: قلت يا رسول الله إنما قالها خوفاً من السلاح، قال:" أشققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا " فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذٍ.
كلنا عارفين الآيات دي:
" رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ ۗ وَمَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِن شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ"
"وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ "
"وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ"
وعارفين إن ربنا اختص نفسه فقط بهذه الصفة.. علم نوايا البشر.. ومع ذلك.. مفاجأة!! يوم القيامة نُسأل.. كل حاجة عملناها وللا لأ.. وعملناها ليه! .. وهو سبحانه الغني عن هذا السؤال!
يعني السميع العليم المحيط.. بيسألنا عن أعمالنا وعن نوايانا وبيدينا فرصة نعبر عن نفسنا وعن اللي جوانا..
احنا بقى بنتكبر ليه ان احنا نسأل ونفهم ونستفسر ونتحقق من ظنونا في الناس؟!.. هو احنا أصلا شاغلين نفسنا ليه بنوايا البشر؟! احنا مالنا!!
تشوهات الإدراك*: مجموعة من تشوهات أو عيوب التفكير اللي بتخلي الواحد يشوف الأمور على غير حقيقتها فتؤدي لمشاعر سلبية كتير زي الاكتئاب ، القلق، الغضب.
