top of page

قصتي


بابايا مهندس ومامتي دكتورة.. هو ده أصل الحكاية.. اتربيت على إني لازم ابقى مميزة، متفوقة، الأحسن على الإطلاق، مش أحسن وبس، اتعلمت إن المدرسة هي الشمس اللي بتدور حواليها حياتي كلها...نومي، لعبي، خروجي راحتي..صحابي.. كل ده في الوقت المتبقي من وقت الدراسة والمدرسة.. مش مقبول اني ابقى أقل في أي حاجة.. أدبي.. أخلاقي..سلوكي..مشاعري.. كل حاجة الزم تبقى perfect ..وأقل من ال perfect لا أنا برضى ولا أهلي بيرضوا..

مارست الطب من وانا في ابتدائي.. ليا روشتات كاتباها وانا في السن ده لناس قرايبي.. لدرجة إن مرة لبست coat rain على إنه بالطو وجهزت أوضتي على إنها أوضة عمليات، وحولت حاجة من ألعابي لكماشة، وخلعت سنة واحدة قريبتي كانت جاية تزورنا واديتها لمامتها ..زعلت أوي يا حبيبتي على سنة بنتها، بس أنا طمنتها إن كل حاجة تمام واديتها روشتة أدوية ما بعد العملية بمنتهى الثقة..

طبعا حلمي إني أبقى دكتورة ده أكنه مزروع فيا (default factory setting) ودخلت الكلية كالمتوقع، وصورتي في scubs العمليات بعمل عملية لعيان وأطلع أطمن أهله بعدها إن كل حاجة تمام فيقوموا يعيطوا من الفرح ويدعولي دي كانت أكتر لقطة مفضلة عندي في أحلام اليقظة بتاعتي... مسلسل Grey's Anatomy و ER كانوا مسيطرين عليا أوي..

في نفس الوقت اللي الحلم ده كان في خيالي كانت فيه حاجة تانية بتحصل في الواقع ومش بس في المرحلة دي من حياتي.. لأ ده من وانا أصغر من كدة كمان.. بحب أوي المشاكل االجتماعية .. مش اعملها (ما بعتبرش ده هواية :) )

أي حاجة ليها عالقة بالسلوك الإنساني بتستهويني، ازاي الإنسان بيفكر، بيحس، بيتفاعل مع اللي حواليه، إيه الحاجات اللي بتأثر على سلوك كل واحد فينا، وبناءا عليه ازاي الواحد يتعامل مع مشاكله مع نفسه ومع اللي حواليه، كنت بقرأ كتير لدكتور عادل صادق، عبد الوهاب مطاوع، مصطفى محمود..وغيرهم، بحب أوي أسمع المشاكل واحاول أحلها.. على أد خبرتي الصغيرة وقتها كونت نظريات كتير وحلول واستتنتاجات لكل مشكلة اتعرضتلها شخصيا أو سمعتها وناقشتها مع اللي حواليا.. كنت عاملة نظريات في الجواز، في التربية، في السعادة، النجاح..عندي دايما كلام أقوله في أي موضوع اجتماعي يطرح في أي مناسبة.

كطفله مثالية، عايزة تكمل حياتها بمثالية..بكل ثقة أخدت كل تجارب الطفولة ونص مرحلة المراهقة مع كل النظريات والمسلمات اللي ألفتها.. وانطلقت بقى على مرحلة الكلية.... هم ست شهور بالتمام والكمال .. وأخذت نظرياتي وخبراتي تتساقط واحدة تلو الأخرى أمام التحديات اللي كنت بقابلها..

مستوايا في الدراسة معقول.. بس مش الأحسن.. وده وانا ببذل مجهود جامد وباخد دروس وباعمل كل اللي كنت بعمله وانا في المدرسة ..وكان بيوصلني بس دلوقتي.. لأ!!

كنت عايشة في مصر مع أصحابي وبعيدة عن أهلي، اللي علاقتي بيهم بدأت تسوء جدا، بقت كلها مشاكل وحوارات، وغضب وخصام ومش عارفة أظبطها.. مش عارفة أعمل إيه! ده غير مسؤوليتي أنا وبس عن كل احتياجاتي، كان حمل كتير أوي عليا والكتالوج اللي معايا مفهوش الحتة دي!

كنت مخطوبة. .على وش جواز، بس مش مبسوطة، برضو كل نظريات اختيار شريك الحياة والعلاقات الناجحة والجواز اللي ألفتها مش نافعة.. العلاقة مليانة مشاكل ومش عارفة أعالجها.. مش عارفة أواجهها ولا عارفة أخرج منها...

حتى علاقتي بربنا.. الحمد لله عمري ما فوتت فرض .. بس برضو حاسة إني مش موصولة بربنا disconnected ، كنت متمسكة جدا بالدعاء والاستغفار.. وأكيد ده كان ليه دور في المرحلة اللي بعدها.. ولكن وقتها خواء روحاني رهيب!

بس عشان أكمل الصورة.. أنا بقيت معظم الوقت متضايقة، عصبية، مخنوقة، بعيط كتير مش عايزة اتكلم مع حد، عايزة اقعد لوحدي، ماليش نفس أعمل أي حاجة، عندي أرق شديد، ممكن اطبق باليومين والتلاتة مش عارفة أنام، أعراض جسمانية بقى بالعبيط، وألف على الدكاترة مش لاقيين لها تفسير..وكل ده مأثر طبعا على كل نواحي حياتي.. مأثر على آدائي.. هنّجت بمعنى الكلمة!!

وصلت لدرجة اني كنت بتخيل إني هرتاح لو مت.. بس كانت فكرة الموت بتقف عند مرحلة الخيال والأحلام بس..

هو ده الإكتئاب.. أخدته في المدرسة.. أقصد الكلية.. أروح بقى للدكتور النفسي.. يقعد بقى يحللني ويحللي مشكلتي.. زي ماكنت بعمل مع الناس..الدكتور قاللي هنعمل اختبار.. كان اختبار طويل أوي..

بص فيه وقاللي..هدى انت عندك اكتئاب!....

فعلا؟..،

والمفروض تتحجزي.. بس عشان انا عارف ان ما يتخافش عليكي مش هحجزك!!..

طب عالجني بقى! ..

كتبلي دوا.. وقال لي تعالي احضري جلسات علاج جماعي.. عملت كدة فعلا، كنت بنبسط واضحك كتير في الجروب ثيرابي وأول ما اخلص.. وانا على باب العيادة كنت بعيط!...

وعدى شهر.. اتنين.. تلاتة.. مش بتحسن.. بالعكس بسوء!! رحت لدكتور تاني.. عملنا عالج نفسي فردي المرة دي.. انا بتكلم في حاجة وهو بيتكلم في حاجة تانية خالص! ...بدأت أغضب زيادة.. إيه مفيش علاج؟!!

استمر الوضع كما هو عليه لحد سنة سادسة طب أنا والاكتئاب شئ واحد لا نتجزأ ولا نفترق!!.. في السنة دي أنا كنت مهتمة بالنسا أوي، فكنت بحضر مؤتمر نسا مع شوية من دفعتي، وفي البريك دكتور أكبر مننا بشوية جيه بمنتهى الحماسة وقال أنا عايز أفرجكم على حاجة، وغاب شوية ورجع بكتاب ملون كدة وقال إيه رأيكم؟! كتاب في الجلدية على ما أذكر رفيع أوي ومليان صور ورسومات و mindmaps بتلخص المادة دي وبتسهل على الدكاترة فهمها وحفظها .. كان بيفرجهولنا كأنه بيورينا ابنه اللي لسة مولود.. أو الاختراع اللي هيوصله لجايزة نوبل في الطب!.. ساعتها بس فيه حاجة نورت جوايا..قلت لنفسي هو ده اللي انا عايزاه: الاحساس بالانجاز هو اللي بيفرحني.. محتاجة أدور على الحاجات اللي بحبها وارجع اعملها واحط فيها أهدا واحققها.. وافرح بقى!!...

الكلام كان سهل.. بس لما بدأت أنفذ لقيت حاجات كتير متقالني ومحجماني.. العلاقة اللي انا فيها مش هتساعدني في ده.. وانا حاولت وخلاص مش عارفة.. قررت انفصل...علاقتي بأهلي مش مستقرة.. قعدت أشوف إيه ابسط الحاجات اللي ممكن أعملها مع أهلي عشان العلاقة تهدى وعملتها، بمجهود بسيط وحب غير مشروط من ناحيتهم المياه رجعت لمجاريها!..امتحانات البكالريوس على الأبواب محتاجة أركز رقم واحد على المذاكرة.. أعدّي المرحلة دي بشكل ُمرضي، عشان محاولات السعادة ماتقلبش نكد أزلي!.... ركزت في عبادتي حاولت أرجع ال connection تاني، وبأقل قدر من الجهد ربنا فتح عليا....افتكرت إني بحب الكتابة، رجعت أكتب، رجعت أتكلم مع صحابي في المشاكل الاجتماعية تاني، بقيت بخرج واتفسح واحضر كورسات واتواصل مع الناس، حتى لو ماليش نفس!! وأخيرا بدأت أهدى .. ساعتها بس أدركت إن الاكتئاب اللي كنت فيه كان سببه مشاكل مانعاني إني أنجز.. مشاكل وقلة إنجاز!..واتعلمت إن كل ما بانجز أكتر..كل ما الزهق والتعب بيختفي.. لما الواحد بيبقى عنده امكانيات وعارف ان ربنا خلقه لرسالة وهو مش بيأديها لسبب أو لأخر.. من الطبيعي إنه يحس بالاكتئاب والحزن..خصوصا لما تكون شخصية الواحد من النوع اللي ما بينبسطش غير لما بينجز ويحقق نفسه..

سنة الامتياز بتاعتي قضيتها بين النسا والنفسي، بحاول أعرف أنا رسالتي هتكون فين.. اخترت الطب النفسي..لأني بعد ما فقت وشفت الدنيا بالألوان بعد ما كانت سودة..اكتشفت إن فيه أحسن!! احساسي بالإنجاز فعلا حسسني بالسعادة، بس ما كانش الإحساس ده مستقر sustained ..!! يعني كان ممكن يجيلي drops كدة وغمامات سودة ترجعني لنقطة الصفر تاني وبعدها تنقشع.. ال drops دي كانت بتيجي في ثقتي في نفسي، في مزاجي، في علاقتي مع جوزي، حتى في إنجازي نفسه!!

كنت طول رحلتي في التخصص ده بحاول أدور على الخلطة بتاعت الدكاترة لعالج الاكتئاب،التوتر، ضعف الثقة في النفس، مشاكل العلاقات االجتماعية .. اتعلمت إن فيه حاجة اسمها علاج نفسي ممكن تحل المشاكل دي، بس ازاي بيتعمل بقى وللا فين وإيه المنهج اللي يتمشي عليه!! .. العلم ده ما كانش متوفر أوي زي علم الأدوية.. ازاي تعالج الأمراض النفسية بدواء.. ساعتها فهمت أنا ليه لما رحت لدكاترة نفسيين مالقيتش اللي انا عايزاه.. واتأكدت إن أي حد بيعدي بنفس مرحلة الاكتئاب دي هيحتاس زيي بالظبط.. لحد ما قررت أبحث أنا بنفسي في موضوع العالج المعرفي السلوكي واتعلمه.. هو علم مبني على أساس إن أفكارنا بس هي السبب في رؤيتنا للأشياء، لو واحد أفكاره سلبية هيشوف كل حاجة سلبية وبالتالي هيحس بالاكتئاب والقلق والغضب والعجز.. ولو أفكاره إيجابية هيشوف الدنيا أكثر منطقية وبالتالي هيعرف يتعامل مع الضغوط والمشاكل ..

وواحدة واحدة بدأت أطبقه على نفسي .ووصلت للنتيجة اللي انا عايزاها من استقرار المزاج (sustainability ) وال mood drops قلت لدرجة إني أقدر أقول على نفسي إني الحمد لله بقيت إنسانة سعيدة أخيرا.. وده بقى واضح جدا في حياتي وتفاصيلها وأدائي فيها..حتى لما بتعرض لضغوط من أي نوع..

بقى حلمي دلوقتي إني أوصل الخلطة دي لكل ست بتعاني من اكتئاب، قلق، قلة ثقة في النفس، مشاكل اجتماعية لأني بكل ثقة أقدر أقوللها إني كنت مكانك في يوم من الأيام.. وإن الموضوع ماهو إلا أدوات لحل مشاكلك وتقنيات نفسية تظبطي بيها مزاجك.. بس كدة.. وهتشوفي الدنيا بالألوان تاني... على فكرة الدنيا طلعت بالألوان!

Featued Posts 
Recent Posts 
Find Me On
  • Facebook Social Icon
  • YouTube Long Shadow
  • Instagram Long Shadow
My Favotite Blogs
Serach By Tags

©2017 Hoda Serag

  • Facebook Clean Grey
  • Instagram Clean Grey
  • YouTube Clean Grey
bottom of page